قد تتساءل ما هي الأشهر الحرم إليك مفهومها وأهميتها وسبب تحريمها والحكمة منه وما ورد في القرآن الكريم من آيات تتعلق بالأشهر الحرم.
أولا: ما هي الأشهر الحُرم؟
هي الأشهر التي جعلها الله مُحرّمةً، قال سبحانه وتعالى: (إِنَّ عِدَّةَ الشُّهورِ عِندَ اللَّـهِ اثنا عَشَرَ شَهرًا في كِتابِ اللَّـهِ يَومَ خَلَقَ السَّماواتِ وَالأَرضَ مِنها أَربَعَةٌ حُرُمٌ)
وجاء في تعريف الأشهر الحُرم أنّها الأشهر التي كتب الله فيها العهد والأمان على المشركين، قال سبحانه وتعالى: (فَإِذَا انسَلَخَ الأَشهُرُ الحُرُمُ فَاقتُلُوا المُشرِكينَ حَيثُ وَجَدتُموهُم وَخُذوهُم وَاحصُروهُم وَاقعُدوا لَهُم كُلَّ مَرصَدٍ فَإِن تابوا وَأَقامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكاةَ فَخَلّوا سَبيلَهُم إِنَّ اللَّـهَ غَفورٌ رَحيمٌ).
وتعد تلك الأشهر مُحرّمةٌ؛ لأنّ الغزوات والمعارك كانت تتوقّف فيها، أمّا الدفاع عن النفس فلا يُحرّم في تلك الأشهر، والمعاصي محرّمةٌ في جميع السنّة، إلّا أنّها أشدّ تحريماً في الأشهر الحُرم.
ثانيا: ما مكانة الأشهر الحُرم في الإسلام؟
إن للأشهر الحُرم منزلةٌ عظيمةٌ عند الله فقد اختصّها من بين شهور السنة، كما اختصّ غيرها من الخَلْق، والأزمنة، والأمكنة؛ فقد اختصّ من خَلْقه الرُّسل والملائكة، كما اختصّ من مواضع أرضه المساجد، ومن أيّام السنة يوم الجمعة، ومن الليالي ليلة القَدْر، ويدلّ على تلك المنزلة أنّ الله جعل الذنوب والمعاصي فيها أشدّ إثماً، بينما جعل الطاعات والعمل الصالح أعظم ثواباً وأجراً.
والظلم فيها أشد قُبحاً، وأعظم وِزْراً عمّا سواها من الشهور، ولذلك كان لتلك الشهور حقٌّ على المسلم بوجوب تعظيمها، وتشريفها بالعبادة والعمل الصالح كما شرّفها رب العزّة -سبحانه- بالتعظيم والتحريم.
ثالثا: ما الحِكمة من تحريم الأشهر الحُرم؟
تأتي الأشهر الحُرم كمحطّةٍ بين رُكنَين من أركان الإسلام، وهما: الصيام، والحجّ؛ إذ يأتي شهر رجب المُحرّم قبل شهر رمضان، فيكون فرصةً للاستعداد لصيام رمضان؛ تلك العبادة الجليلة التي تحتاج إلى شحذ النفوس، ومجاهدة النفس لتَرك ما تحبّه، بينما تأتي فريضة الحجّ في الأشهر الحُرم؛ لتتفرّغ النفس للعبادة، ففرضيّة الحجّ فيها مَشقّةٌ تتطلّب بَذْل الجُهد والطاقة لأداء المناسك على الوجه المشروع، ويدلّ على ذلك ما ورد في السنّة النبويّة ممّا أخرجه الإمام البخاريّ في صحيحه عن أمّ المؤمنين عائشة -رضي الله عنها-: (قُلتُ يا رَسولَ اللَّهِ، ألَا نَغْزُو ونُجَاهِدُ معكُمْ؟ فَقالَ: لَكِنَّ أحْسَنَ الجِهَادِ وأَجْمَلَهُ الحَجُّ، حَجٌّ مَبْرُورٌ، فَقالَتْ عَائِشَةُ فلا أدَعُ الحَجَّ بَعْدَ إذْ سَمِعْتُ هذا مِن رَسولِ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ-)،
التعليقات